×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «نهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ، وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ»، قَالَ: فَقُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: «لاَ يَكُنْ لَهُ سِمْسَارًا»([1]).

*****

 وهذا من جملة البيوع المنهي عنها؛ لأننا ما زلنا في باب ما نُهِي عنه من البيوع.

نَهَى صلى الله عليه وسلم عن تَلَقِّي الركبان، وهم الجلب. الركبان: المراد بهم الجلب الذي يأتي من البادية أو من غيرها؛ ليبيع ما معه في السوق.

فلا يجوز لأحد أن يَخرج له ويشتري منه قبل أن يصل إلى السوق؛ لما في ذلك من الإضرار بالجالب؛ لأنه لا يَعرف الثمن، فربما أن المتلقي يخدعه، ويشتري برخص.

وأيضًا: لمنع الإضرار بأصحاب السوق؛ لأن لهم منفعة في بيع الجالب، فيتوسعون ويستفيدون، فإذا تلقفه واحد واشترى منه، فإن أصحاب السوق يُحْرَمون من فائدة المجلوبات وترتفع قيمتها عليهم؛ لأن الذي يشتريها ما يبيعها إلاَّ غالية.

أما لو أن الجالب أتى وباعها، فربما يبيعها برخص، فيستفيد أهل السوق.

فهذا فيه: النهي عن تلقي الركبان.

«أَنْ تُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ»، الركبان: جمع رَكْب.

«وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ»، الحاضر في البلد ما يذهب للجالب، ويقول: أنا أبيع لك سلعتك؛ لأنك ما تعرف السعر، وأخاف أنهم يغلبونك.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (2274)، ومسلم رقم (1521).