فالكاهن هذا يُفسد
في الأرض؛ فلذلك يستتاب، فإن تاب وإلا قُتِل؛ لأجل جرمه وادعائه علم الغيب، ولأجل
دفع شره عن المجتمع.
فإذا كان يأخذ مالاً
في مقابل الكهانة، فهذا المال حرام وسُحْت، لا يجوز أكله ولا استعماله ولا
الانتفاع به؛ لأنه حرام.
وكان لأبي بكر
الصِّديق رضي الله عنه غلام - يعني: مملوك -، وكان قد تخارج معه - يعني: اصطلح على
أن يأتيه كل يوم بشيء من الكسب، والباقي يكون له، مُخارجة -. فكان يعمل هذا
الغلام، فجاءه مرة بطعام، فأكل منه الصِّديق رضي الله عنه، فقال له الغلام: أتدري
ما هذا؟ قال: لا. قال: هذا أجرة كهانة، تكهنت في الجاهلية لناس، وأعطَوني هذه
الأجرة الآن وأتيت بها إليك.
فأدخل أبو بكر رضي
الله عنه أصابعه في حلقه، واستفرغ ما في جوفه، لما عَرَف أنه حرام، وقال: واللهِ،
لو خرجتْ رُوحي معه، لأخرجتُها! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أَيُّمَا
لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ»([1])، فدل على تحريم ثمن
الكهانة.
والكهان كَثُروا
الآن: الذي يقرأ في الكف، والذي يقرأ في الفنجان، والذي يُخطط في الأرض. يعني: طرق
خبيثة، كلها تجتمع في ادعاء علم الغيب الذي لا يعلمه إلاَّ الله، وإفساد المجتمع،
وإفساد عقائدهم، وأخذ أموالهم، وتهديدهم بالمخوفات.
فالكاهن مفسد في الأرض، وكسبه حرام وسُحْت.
([1]) أخرجه: الحاكم رقم (7164)، والبيهقي في «الشعب» رقم (5376).