«وَلاَ
تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ»، ما معنى التصرية؟ إذا أراد أن يبيع بقرة أو شاة
أو ناقة فيها حليب، ما يحلبها، يجعل الحليب في ضرعها يومين أو ثلاثة؛ لأجل أن
يَكثر اللبن، ويظن المشتري أن هذه طبيعتها وأنها فيها حليب كثير. هذا ظاهرها،
والواقع أنها مُصَرَّاة.
يعني التصرية: هي الجمع([1])، جامعة الحليب لعدة
أيام؛ من أجل أن يخدع المشتري أنها صاحبة لبن كثير.
فنهى النبي صلى الله
عليه وسلم عن ذلك؛ عن تصرية الغنم والإبل والبقر؛ لئلا يَخدع المشترين ويظنوا أنها
حلوب.
«وَمَنِ ابْتَاعَهَا
فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ»، إذا حصل هذا، وصَرَّاها وباعها مُصَرَّاة،
واشتراها المشتري بِناءً على أن اللبن هذا ليس بتصرية، وإنما طبيعتها كذلك،
اشتراها، فالبيع يصح، ولكن يكون للمشتري الخيار؛ دفعًا للضرر عنه: إن شاء أن
يأخذها أخذها. وإن شاء أن يردها ردها، ويَرُد معها صاعًا من التمر إذا حلبها،
يَرُد معها صاعًا من التمر قيمة للحليب الذي أخذه. هذا معنى: «وَصَاعًا
مِنْ تَمْرٍ» قيمة للحليب، وهو ما يَعرف أنها مُصَرَّاة حتى يحلبها، فإذا
حلبها وأراد أن يردها، فقيمة اللبن يرده معها لصاحبها؛ دفعًا للخديعة والمكر.
فهذه الأحاديث تعطيكم قاعدة عظيمة في أن البيع والشراء لابد أن يكونا على الصراحة، وعلى الوضوح، وعلى النصيحة. ولا يجوز
([1]) انظر مادة (صرى) في: العين (7/151)، وتهذيب اللغة (12/157)، والصحاح (6/2399- 2400).