فصادف أنه رأى
جابرًا رضي الله عنه على بعير قد أعيا؛ يعني: تَعِب البعير، عَجَز عن السير، فأراد
جابر أن يتركه، أن يهمله ويتركه؛ لأنه أصبح لا فائدة فيه.
فالنبي صلى الله
عليه وسلم دعا لجابر رضي الله عنه، وضَرَب البعير حتى سار سيرًا لم يَسِرْ مثله!!
وهذه معجزة من
معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث إنه ضَرَب هذا البعير الهزيل الذي لا يقدر
على المشي، فأصبح يسير من أحسن الإبل، هذه معجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم.
ثم قال صلى الله
عليه وسلم له: «بِعْنِيهِ»، هذا فيه أن لولي الأمر أن يشتري من أحد
الرعية، إذا كان في ذلك مصلحة، وليس فيه محاباة، قال: «بِعْنِيهِ»،
فجابر رضي الله عنه امتنع بالأول؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أمره أمر
تشريع، وإنما أمره أمر غير تشريع، طلب البيع والشراء، أما لو أمره أمر تشريع لما
امتنع: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن
يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ﴾ [الأحزاب: 36].
فكون جابر امتنع،
فهذا دليل على أن هذا الأمر ليس أمر تشريع، وإنما هو أمر عادي، الرسول صلى الله
عليه وسلم عَرَض عرضًا أن يبيعه عليه، في الأول أبى فقال: «بِعْنِيهِ
بِوقِيَّةٍ» من الذهب، والأوقية اثنا عشر درهم، فباعه على الرسول صلى الله
عليه وسلم بأوقية.
ولكن جابرًا رضي الله عنه اشترط أن يُحمل عليه إلى المدينة. هذا محل الشاهد من الحديث.