×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ قَالَ: «سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رضي الله عنهما عَنِ الصَّرْفِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ يَقُولُ: هَذَا خَيْرٌ مِنِّي. وَكِلاَهُمَا يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ دَيْنًا»([1]).

*****

 وكذلك مثلاً: الذي معه ذهب رديء، ويريد ذهبًا جيدًا، ما يجوز له أنه يشتري الجيد ويزيد كمية من الرديء أكثر من الجيد. هذا مِثل بيع التمر الرديء بالتمر الجيد، ما يجوز.

ولكن الطريقة الشرعية أنه يبيع الحُلي الذي معه بدراهم، ثم يشتري بالدراهم حُلِيًّا جيدًا. فهذه قاعدة ومَخْرَج من الربا.

عن أبي المنهال رضي الله عنه أنه سأل البراء بن عازب وزيد بن أرقم، سألهما عن الصرف، والصرف: هو بيع النقد بالنقد، سواء كان معدنيًّا أو كان ورقيًّا. بيع النقد بالنقد هذا يُسمى الصرف.

فكلاهما يقول: «هَذَا خَيْرٌ مِنِّي»، فهذا فيه الاعتراف بالفضل لأهله، وفيه تواضع الصحابة رضي الله عنهم.

وفيه: أنهم يتدافعون الفتوى ولا يتسرعون فيها! بخلاف ما عليه غالب القوم اليوم من أنهم يتهافتون على الفتوى، كل واحد يريد أن يسبق الآخر، ما يبالون بذممهم، ولا يبالون بالعاقبة!

الصحابة كانوا يتدافعون الفتوى، وهم خير القرون وأفضل القرون، كل واحد يقول للسائل: «هَذَا خَيْرٌ مِنِّي». يريد أن يتدرأ به ولا يُقْدِم على الفتوى.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (2180)، ومسلم رقم (1589).