×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الإِْنْسَانُ، انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»([1]).

والصدقة الجارية هي الوقف؛ لأنها يستمر نفعها ويجري بعد موت صاحبها «أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» والشاهد: الأول «صدقة جارية».

ولم يكن أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له مال إلاَّ وقف؛ كما في الأثر؛ وذلك لعِلْمهم بأهمية الوقف وفائدته.

فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصاب أرضًا بخيبر، وهي بلاد زراعية تقع شمالي المدينة([2])، وكان يسكنها اليهود، كان اليهود يسكنونها، وجلا إليهم بعض مَن كان في المدينة، واجتمعوا في خيبر، فغزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة من الهجرة بعد صلح الحديبية، غزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حاصرهم، وانتهى الأمر بانتصار المسلمين على اليهود واستيلائهم على خيبر، وهي أرض زراعية ذات نخيل، أرض مثمنة.

فأصاب عمر رضي الله عنه أرضًا منها نفيسة، هي أنفس أموال عمر، فجاء يستشير النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا يصنع فيها؟ لأن عمر يريد أن يتقرب بها إلى الله.

وهذا فيه دليل على: أن المسلم يتقرب إلى الله بأحسن ما عنده وأفضل ما عنده، قال تعالى: ﴿لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ [آل عمران: 92]، وقال تعالى: ﴿وَيُطۡعِمُونَ


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (1631).

([2]) انظر: معجم البُلدان للحَمَوي (2/ 409).