×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا ٨ إِنَّمَا نُطۡعِمُكُمۡ لِوَجۡهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمۡ جَزَآءٗ وَلَا شُكُورًا [الإنسان: 8- 9].

فالذي ينبغي للمسلم إذا أراد أن يتصدق، أو أراد أن يوقف وقفًا، أو أن يعتق عبدًا، أن يختار أَنْفَس ما عنده؛ ليتقرب به إلى الله عز وجل.

وفيه: استشارة أهل العلم، فإن عمر رضي الله عنه أتى يستشير النبي صلى الله عليه وسلم.

فهذا فيه: مشروعية استشارة أهل العلم وأخذ رأيهم فيما فيه النفع والخير، وأن الإنسان لا يَعْمِد على رأيه، بل يستشير أهل العلم، حتى ولو كان عالمًا، فإن عمر رضي الله عنه كان من أكبر العلماء، ولكنه استشار مَن هو أعلم منه، قال تعالى: ﴿وَفَوۡقَ كُلِّ ذِي عِلۡمٍ عَلِيمٞ [يوسف: 76]، فحتى العلماء يستشيرون مَن هو أعلم منهم، فكيف بالعامة والجهال؟!

فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يوقفها، أن يتصدق بها صدقة جارية: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا»، «حَبَسْتَ»؛ يعني: أوقفتَ. هذا معنى «حَبَسْتَ»؛ ولهذا يُعَرِّفون الوقف بأنه «تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة»، هذا مأخوذ من هذا الحديث: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا»؛ أي: بغَلَّتها. هذا هو تسبيل المنفعة.

فعمر رضي الله عنه نَفَّذ ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، وأوقف هذه الأرض، وشَرَط شروطًا في الوقف.

فدل على أنه يجوز للواقف أن يَشترط الشروط الموافقة لكتاب الله، لا يَشترط شروطًا مخالفة لكتاب الله، وإنما يَشترط ما يوافق كتاب الله وسُنة رسوله.


الشرح