×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

«وَابْنِ السَّبِيلِ»؛ يعني: ويُعْطَى منها ابن السبيل، وهو المسافر المنقطع به، الذي نَفِدت نفقته أو ضاعت أو سُرِقت، ولم يَبْقَ معه ما يمضيه في سفره. فهذا يُعْطَى ما يُبلِّغه في سفره ويَرُده إلى أهله؛ لأنه منقطع، سُمِّي «ابن السبيل» من إضافة الشيء، وهذه الإضافة تقتضي الاختصاص، «ابن السبيل» يعني الملازم للسفر، كملازمة الولد لوالده.

ثم إن عمر رضي الله عنه أقام على هذا الوقف ناظرًا. فدل على مشروعية إقامة الناظر على الوقف. وهي ابنته حفصة أم المؤمنين، جعلها ناظرة على الوقف. فدل على أنه يجوز أن تكون المرأة ناظرة على الوقف كالرجل.

وأباح للناظر أن يأكل من غلة الوقف، وأن يعطي منه، ولكن بدون أن يتمول شيئًا أو يتأثل شيئًا، وإنما يأكل من ثمرته، أو يأخذ في مقابل عمله بالمعروف، يعني ما تعارف عليه الناس بدون تحديد، ولا يأخذ كثيرًا، وإنما يأخذ بالمعروف، ما يأخذه مثله، لا يَزيد على ذلك، أو يأخذ شيئًا يدخره في بيته يتموله، هذا لا يجوز، وإنما يأخذ شيئًا يأكله ويدفع به حاجته، أو يكون في مقابل تعبه.

فهذا حديث عظيم في باب الوقف:

دل على مشروعية الوقف، وأنه أشار به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدل على فضيلة الوقف.

وفيه أنه ينبغي للموقف والمتصدق أن يختار أفضل ما عنده؛ لأنه يكون دليلاً على إخلاصه لله، ويكون أيضًا نفعه أكثر من المال الذي فيه نقص أو فيه رداءة.


الشرح