×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «لاَ تَشْتَرِهِ، وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ؛ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي هِبَتِهِ كَالعَائِدِ فِي قَيْئِهِ»([1]).

وَفِي لَفْظٍ: «فَإِنَّ الذِي يَعُودُ فِي صَدَقَتِهِ كَالكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»([2]).

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالعَائِدِ فِي قَيْئِهِ»([3]).

*****

وهذا الحديث أيضًا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: «حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ»؛ يعني: أعطيتُ الفرس لمن يغزو عليه في سبيل الله عز وجل.

فهذا فيه: الإنفاق في سبيل الله، إنفاق الخيل والإبل والسلاح والعتاد، والله جل وعلا يقول: ﴿وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ [التوبة: 20]، فالجهاد يكون بالمال كما يكون بالنفس.

وهذا عمر رضي الله عنه حَمَل غازيًا على فرس؛ يعني: أعطاه إياه، تَصَدَّق به عليه؛ ليغزو عليه في سبيل الله.

ولكن هذا الذي أُعْطِيَ الفرس أضاعه ولم يَعرف قيمته، فأراد عمر أن يشتريه منه تفاديًا لضياع الفرس، ولكنه لم يُقْدِم على ذلك حتى سأل النبي صلى الله عليه وسلم.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1490)، ومسلم رقم (1620).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2623)، ومسلم رقم (1620).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (2621)، ومسلم رقم (1622).