×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 فدل هذا الحديث على: أنه لا يجوز العَوْد في الهبة بعد قبضها، الهبة أو الصدقة واجبة أو مستحبة بعد قبضها، حتى ولو بالثمن والشراء؛ سدًّا للذريعة.

وفيه: ضَرْب الأمثلة المُنفِّرة عن الوقوع في المحظور، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ضَرَب مثلاً مُنفِّرًا من ذلك حتى لا يعود إليه المسلم.

«فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ»؛ يعني: لم يهتم به، «أَضَاعَهُ» يعني: لم يهتم به، ولم يقم بمصالحه من العلف والسقي والولاية.

«فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ»؛ يعني: يقول: ما له قيمة عند الرجل هذا، فربما يبيعه برخص. وعمر يعرف الفرس، وأنه فرس جيد، فأراد أن يتفادى ضياعه.

«وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ»؛ لأنه ظن أنه سيبيعه برخص؛ لأنه لا يَعرف قيمته، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ»، لو باع الفرس بدرهم، فلا تشتره.

يُستثنَى من العَوْد في الهبة الوالد إذا وهب لولده شيئًا، والولد قَبَض الهبة، يجوز للوالد أن يَرجع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ»([1])، فله أن يرجع.

الوالد له أن يرجع في هبته لولده. وأحيانًا يجب عليه الرجوع إذا وهب لبعض أولاده دون بعض؛ كما سيأتي في حديث النعمان بن بَشير، يجب عليه الرجوع، ولا يُعْطِي بعضهم ويترك بعضًا، فالوالد له خاصية.


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (2291)، وأحمد رقم (6902)، وأبو يعلى رقم (5731).