×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فأمه من شدة الحرص قالت: «لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم »، من شدة حرصها على إثبات الهبة لم ترضَ إلاَّ بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم.

فذهب بَشير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره، فقال: «أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟»، قَالَ: لاَ. قَالَ: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلاَدِكُمْ».

وَفِي رِوَايَةٍ: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟»، قَالَ: بَلَى. قَالَ: «فَلاَ إِذًا»([1]).

وَفِي رِوَايَةٍ: «فَإِنِّي لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ»، وسَمَّى صلى الله عليه وسلم هذا العمل جَوْرًا، يُنزَّه الرسول صلى الله عليه وسلم من الشهادة عليه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي»، هذا من باب التهديد، لا من باب أنه إذا أشهد غير الرسول أن هذا يصح، ولكن هذا من باب التهديد، التهديد عن هذا العمل.

فهذا الحديث فيه مسائل:

الأولى: فيه أنه لا ينبغي للإنسان أن يتشدد في الأمور، فإن عَمْرة تشددت في هذا الأمر، وكانت النتيجة عكس ما تريد.

الثانية: وفيه الرجوع إلى أهل العلم، فإن بَشيرًا رضي الله عنه رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الثالثة: وفيه وجوب العدل بين الأولاد، بأن لا يُعْطِي بعضهم ويَحرم البعض الآخَر، بل عليه أن يعطيهم كلهم أو أن يمنعهم كلهم؛


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1623).