×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

بَيَّن رضي الله عنه الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لم يَنْهَ عن المزارعة والمساقاة مطلقًا، وإنما نهى عن مزارعة خاصة، وهي أن المُزارِع وصاحب الأرض يتفقان على أن زرع هذه القطعة من الأرض لصاحب الأرض، وزرع القطعة الثانية للعامل، فهذا لا يجوز؛ لأنه قد يُنتج هذا ولا يُنتج هذا، فيضيع حق أحدهما.

ولكن إذا كانت الأجرة مشاعة بالنصف أو الربع - كما في الحديث الأول -، فهذا لا بأس به؛ لأنه ليس فيه غرر، يشتركون في القليل وفي الكثير، وإذا لم يحصل شيء فكلهم ما يصير لهم شيء.

أما أنه يصير لواحد والآخر لا، فهذا هو الذي لا يجوز.

فرافع رضي الله عنه أزال الإشكال تمامًا.

فإجارة الأرض تارة تكون بالدراهم والدنانير، فهذا لا بأس به، هذه أجرة.

إذا صار لك مزرعة، فيجوز لك أن تؤجر لواحد بألف ريال سنويًّا، يدفع لك ألف ريال، ويزرعها أو ما يزرعها حسبما يرى، المهم أنه استأجرها منك، فيدفع لك الأجرة، سواء زرعها أو لم يزرعها، فالزرع له هو، أنت ما لك شيء منه، أنت ما لك إلاَّ الأجرة. مثلما تؤجر البيت للسكنى، وتؤجر السيارة للركوب، تؤجر الأرض للزراعة، هذا لا بأس به. هذه واحدة.

الثانية: أن يؤجر الأرض بجزء مشاع مما يَخرج منها، وهذا أيضًا جائز؛ لأنه ليس فيه حيف ولا ظلم لأحد، يشتركون في الغُنْم والغُرْم.

الحالة الثالثة: هي التي ذكرها رافع رضي الله عنه: أنهم يخصصون جزءًا من الأرض للعامل، وجزءًا من الأرض لصاحب الأرض.


الشرح