×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ»([1]).

*****

 هذا الحديث فيه مسألتان:

المسألة الأولى: تحريم المَطْل، المَطْل من الغني. والمماطلة: عدم التسديد للدَّين إذا حل، فإنه يجب عليه أن يُسدِّد، فإن أخر التسديد فهو مماطل.

والمُماطِل يَحِل عِرضه وعقوبته، قال صلى الله عليه وسلم: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ»، يُحِل عرضه بأن يَشتكي عند الحاكم ويقول: فلان مماطل، فلان يريد أن يأكل حقي... وما أشبه ذلك. هذا كلام في عرضه.

ولكنه يَحِل من أجل الحاجة إلى ذلك، يُحِل عِرضه وعقوبته؛ لأن الحاكم يُعاقِب المماطل، قالوا: بالحبس. يعاقبه بالسجن حتى يُسدِّد منعًا لظلمه.

أما الفقير فإنه غير مماطل، إذا لم يستطع السداد فهذا غير مماطل.

الرسول يقول: «مَطْلُ الْغَنِيِّ»، أما غير الغني، وهو الفقير الذي ما يستطيع السداد، فهذا تأخيره التسديد لا يُسمَّى مماطلة، وإنما يُسمى معسرًا.

والله جل وعلا يقول: ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةٖ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيۡسَرَةٖۚ [البقرة: 280]، فالمعسر لا يُحبس، ولا يُشتكى ولا يُطالَب عند القاضي، ما يجوز هذا؛ لأنه معسر، لكن يجب إنظاره.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (2287)، ومسلم رقم (1564).