قد يكون محتاجًا إلى
إثبات العسرة، هذا شيء آخر. لكن إذا عَرَف دائنه أنه معسر، فلا يَحِل له أن
يضايقه. وإذا لم يعلم أنه معسر فإنه يتثبت من شأنه، فإذا ثَبَت أنه معسر، يجب عليه
الإنظار، فلا يَحل عرضه وعقوبته.
هذه مسألة، أنه لا
يَحل المماطلة في حقوق الناس، بل يجب المبادرة بأدائها، وأن مَن ماطل وهو غني فهو
ظالم، يؤخذ على يده، ويُمنَع من المماطلة، ويعطي الناس حقوقهم، ويُدفَع الظلم.
وهذا شأن الحاكم، هو الذي يقوم بهذا العمل.
المسألة الثانية: في الحديث صحة
الحوالة، وهي الإتباع، إذا صار لك حق على أحد، أو صار لك دَين على أحد، وحَوَّلك
على آخَر فقال: فلان لي عنده مال، أُحوِّلك عليه لتأخذ حقك منه. وهذا المحال عليه
ليس مماطلاً، إنما هو مَلِيء، مليء بماله، ومليء بتسديده، ولا يُماطِل، فإذا أحيل
على مَليء، فليقبل الحوالة. والحوالة مرفق من المرافق النافعة.
فهذا فيه: مشروعية الحوالة،
وأن المحال عليه إذا كان مَليئًا بماله ومليئًا بقوله، لا يُماطِل، فليس للمحال
عذر في عدم القَبول؛ لأنه لا ضرر عليه في ذلك، «فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ
عَلَى مَلِيءٍ، فَلْيَتْبَعْ».
قوله: «فَإِذَا
أُتْبِعَ»؛ يعني: أُحِيل. معنى «أُتْبِع» يعني: أُحِيل.
«عَلَى مَلِيءٍ»، بشرط أن يكون المحال عليه مليئًا.