وهذا من محاسن هذا
الدين ودفع الضرر عن الناس، فالشفعة تدفع الضرر عن الشريك؛ لئلا يَدخل عليه شريك
لا يتوافق معه.
هذا معنى الشُّفعة،
فيُعْطِي المشتري الثمن الذي دفعه وتصير الحصة له، يضمها إلى نصيبه. هذا معنى
الشُّفعة.
وقوله صلى الله عليه
وسلم: «فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ»، دل على أنه لو قُسِم المِلك وعَرَف
كلٌّ نصيبه، ثم إن أحد الشركاء باع؛ فإنه ليس لشريكه أن يُشفع عليه؛ لأنه لا ضرر
عليه، الضرر عليه فيما لم يُقْسَم، أما إذا قُسِم، فصار نصيب كل واحد منهما
منفردًا عن الآخر، فلا ضرر عليه؛ لأن المشتري يكون جارًا له وليس شريكًا له. وبماذا
تحصل القسمة؟
قال صلى الله عليه
وسلم: «فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ»؛ يعني: المراسيم «وَصُرِّفَتِ
الطُّرُقُ» طرق الأملاك، وصار لكل نصيب طريقه الخاص، فحينئذٍ لا ضرر؛ لأن
شريكه الذي كان شريكًا له أصبح جارًا له وليس شريكًا، فإذا باع نصيبه فإن جاره لا
يُشفع عليه.
وقوله صلى الله عليه
وسلم: «فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ» يدل على أنه
لو بقي بين النصيبين مرفق مشترك؛ كالمسيل أو الطريق، يشتركان في طريق، أو يشتركان
في مسيل؛ فإن لشريكه أو لجاره الشُّفعة.
لأنه إن لم يستقل مِلك كل واحد منهما عن الآخر، فقد يحصل نزاع في الطريق المشترك، أو في المسيل المشترك، أو في البئر المشتركة، قد يحصل نزاع، فدفعًا للضرر فإن للجار الذي يشترك مع جاره في مرفق من المرافق، أن يُشفع؛ لأنه لم تُصَرَّف الطرق، بمعنى أنه لم يكن لكل نصيب طريقه الخاص المستقل.