×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَتْ فِي بَرِيرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ:

خُيِّرَتْ عَلَى زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ.

وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ، فَدَعَا بِطَعَامٍ، فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدْمٍ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ، فَقَالَ: «أَلَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ عَلَى النَّارِ فِيهَا لَحْمٌ؟!» قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَكَ مِنْهُ. فَقَالَ: «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ». وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا: «إِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»([1]).

*****

  هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها، تَذكر أن من فضائل بَريرة هذه المسائل الثلاث التي شُرِعت بسببها.

المسألة الأولى: بريرة كانت مملوكة، ومُزوَّجة بمملوك، فأعتقت؛ كما سبق في حديث عائشة رضي الله عنها، أنها اشترتها ممن كاتبوها وأعتقتها، فصار وَلاؤها لعائشة رضي الله عنها.

لكن الشاهد الآن: أنها لما أُعتقت، وزوجها لم يُعْتَق، خَيَّرها النبي صلى الله عليه وسلم.

فدل على: أنه إذا كان كل من الزوجين مملوكًا، وعُتق أحدهما ولم يُعْتَق الآخَر، أن المرأة تُخَيَّر: فإن شاءت تبقى مع مملوك، وإن شاءت تفسخ لأنها حرة وهو رقيق.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5097)، ومسلم رقم (1504).