فأبطل ما كانت عليه الجاهلية من التلاعب بأموال
الميت، ووَرَّث الصبيان ووَرَّث النساء؛ لأنهم أحق بالميراث؛ لأنهم ضعفاء، هم
بحاجة إلى المال أكثر من حاجة الرجال الأقوياء.
وعِلم المواريث علم
جليل، يحتاج إلى دراسة، وإلى عناية، وإلى تطبيق؛ لأنه علم رياضي، يعتمد على رياضة
العقول، ما يكفي فيه القراءة والمطالعة، ولا يكفي فيه الحفظ؛ بل لابد من التطبيق،
لابد من التمرين عليه بالأمثلة، وهو ما يسمى بـ«القسمة».
وكان العلماء يعتنون
بهذا العلم عناية تامة، فكانوا يُدرِّسونه تدريسًا دقيقًا، ويمرنون الطلاب عليه
بالأمثلة؛ حتى يرسخ ويثبت في أفهامهم.
كانوا يجعلون يومًا
للقراءة والشرح، ويومًا للتمرين والتطبيق؛ حتى يرسخ هذا العلم، وحتى يَعرف طالب
العلم كيف ينفذه وكيف يطبقه.
وهذا لاشك يحتاج إلى
صبر؛ لأنه صعب، ويحتاج إلى عناية ودقة، ما يؤخذ بالعفو والراحة، وإنما يؤخذ
بالتعب.
مثل النحو، النحو أيضًا علم رياضي، رياضة الأفكار والعقول، النحو ما يكفي فيه أنك تقرأ وأنك تطالع، لابد من التمرين على الإعراب، ومعرفة الفاعل والمفعول والحال، والمرفوع والمنصوب والمخفوض والمجزوم، من الأسماء والأفعال. فهذه أبواب تحتاج إلى عناية وتمرين وتطبيق بالأمثلة والإعراب، كانوا يفعلون فيه كما يفعلون في المواريث، يوم درس وشرح، ويوم تمرين وتطبيق بالإعراب.