ولكن معنى خشية
الله: أن تتقي الله ما استطعت: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا
ٱسۡتَطَعۡتُمۡ﴾ [التغابن: 16]، ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾ [البقرة: 286]، ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَاۚ﴾ [الطلاق: 7].
فهذا حديث عظيم فيه: حرص الصحابة رضي
الله عنهم على الخير والعبادة.
وفيه: أنهم رضي الله
عنهم يرجعون إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يَخرجون عنها. وهذا هو
الواجب: ﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن
كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا﴾ [الأحزاب: 21].
وفيه: أن الرسول صلى الله
عليه وسلم سُنته هي الاعتدال، بين الإفراط في العبادة والتفريط فيها، فكان صلى
الله عليه وسلم يصلي من الليل وينام، وكان يصوم ويفطر صلى الله عليه وسلم، يصوم
الأيام، ويفطر الأيام، ولا يسرد الصيام دائمًا، ولا يفطر أبدًا، فطريقته هي الوسطية
والاعتدال.
وفيه: الإنكار على من
أراد أن يُحَمِّل نفسه ما لا تطيق أو ما يشق عليها، فيه إنكار؛ لأن النبي صلى الله
عليه وسلم أنكر على هؤلاء، مع أنهم يريدون الخير، ولكن إرادة الخير لابد أن تكون
موافقة ومتمشية على السُّنة، فلما كان من هؤلاء أنهم يريدون أن يُحَمِّلوا أنفسهم
ما لا تطيق، فهذا مخالف للشرع، مخالف لسُنة النبي صلى الله عليه وسلم، فوجب
الإنكار عليهم.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، فَلَيْسَ مِنِّي»، فهذا من باب الوعيد، ليس معناه أنهم يكفرون وأن رسول الله بريء منهم، ولكن هذا من أحاديث الوعيد، وليس معناه أنهم يكفرون لو صاموا كل الدهر أو تركوا التزوج أو لا ينامون الليل، ليس معنى هذا أنهم يكفرون؛