ٱلنَّهَارِ سَبۡحٗا طَوِيلٗا
٧ وَٱذۡكُرِ ٱسۡمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلۡ إِلَيۡهِ تَبۡتِيلٗا﴾ [المزمل: 1- 8].
فالتبتل المراد به
هنا ليس التبتل الذي أراده عثمان بن مظعون رضي الله عنه.
وإنما هو الإكثار من
ذكر الله عز وجل، والإكثار من قيام الليل، على حد لا يصل إلى السهر في كل الليل،
وإنما يصلي وينام؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
فالمراد بالتبتل في
الحديث: النوع الأول، وهو تَرْك تزوج النساء من أجل أن يتفرغ للعبادة. وهذا منهي
عنه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رد على الصحابي الذي قال: «أنا لا أتزوج
النساء». ورَدَّ على عثمان ابن مظعون ذلك أيضًا، رد عليه أن يترك التزوج من
أجل أن يتفرغ للعبادة.
لأن الزواج أمر
مطلوب، وفيه فوائد عظيمة، وفيه خير للبشرية، وإذا صحت نية العبد فيه فإنه عبادة،
التزوج عبادة إذا قَصَد به إعفاف نفسه وإعفاف زوجته، وقَصَد به الإنجاب، إنجاب
الذرية الصالحة، فهو عبادة. وتَرْكه تقربًا إلى الله ليس عبادة. هذا هو التبتل،
ومنه سُميت مريم البتول؛ لأنها لم تتزوج، بل وهبها الله الولد بدون زوج، فسُميت «البتول»،
فالبتول: هي التي لم تتزوج. والمتبتل: هو الذي لا يتزوج.
فالنبي صلى الله
عليه وسلم رد على عثمان بن مظعون هذا العمل ومَنَعه منه.
فدل على: أنه لا يجوز ترك
التزوج تقربًا إلى الله، وإنما التقرب إلى الله بالتزوج بالنية الصالحة.
قال رضي الله عنه: «وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاَخْتَصَيْنَا»، لو أَذِن له بالتبتل لاختصينا.