×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

والاختصاء: هو قطع الخصيتين، أو سل الخصيتين([1])، حتى لا يكون في الإنسان شهوة. فالخَصي لا يكون فيه شهوة ولا ينبت له شعر. ففي الخصيتين أسرار خَلقية عظيمة، أعظمها أنها مركز الماء الذي منه يكون الجماع والإنجاب.

فالخَصْي في الآدميين محرم، لا يجوز خَصْي الآدميين. أما في البهائم فيجوز للحاجة، إذا كان ذلك أطيب للحمها أو فيه علاج لها، لا بأس، فخصاء البهائم للحاجة. أما خصاء الآدميين فلا يجوز بحال من الأحوال.

فهذا الحديث فيه: ما في الحديث الأول من منع التبتل، وهو مثل الذي قال: «أنا لا أتزوج النساء».

ففيه: مَنْع التبتل، والأمر بالتزوج، وأن ذلك لا يتنافى مع العبادة، بل إنه يُعِين على العبادة، الزواج يُعِين على العبادة، بل تستقر النفس ويغض البصر ويحصن الفرج، ففيه مصالح عظيمة.

وفيه: النهي عن خصاء الآدميين.

قال المصنف: «التَّبَتُلُ: تَرْكُ النِّكَاحِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِمَرْيَمَ: الْبَتُولُ» مريم أم عيسى صلى الله عليه وسلم يقال لها: البتول؛ لأنها لم تتزوج، أَحصنت فرجها، اتخذت من دونهم حجابًا، مِن دون الناس، وتفرغت للعبادة، ولم تتزوج؛ لأن الله هيأها لأمر عظيم.


الشرح

([1])  انظر مادة (خصي) في: العين (4/ 286)، وتهذيب اللغة (7/ 200)، والصحاح (6/ 2327- 2328)، ولسان العرب (14/ 229- 231).