×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

إلزام أحد المتعاقدين الآخَر بموجب العقد، شيئًا له فيه منفعة.

مثلما مر بكم لما باع جابر رضي الله عنه جمله على النبي صلى الله عليه وسلم، شَرَط حِملانه إلى المدينة، وأجاز الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، فجابر رضي الله عنه شَرَط على الرسول صلى الله عليه وسلم ما له فيه منفعة.

فالشروط إذا كانت مُوافِقة للكتاب والسُّنة، يَلزم العمل بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إلاَّ شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلاَلاً»([1]).

فيلزم الوفاء بالشروط، ومنها الشروط التي في النكاح، فللمرأة أن تشترط على زوجها عند العقد شروطًا، وهذه الشروط يجب على الزوج الوفاء بها، «إِنَّ أَحَقَّ الشُّروطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ، مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ»، هو أحق الشروط وآكدها.

فهذا الحديث فيه: أن الشروط في النكاح يجب العمل بها، ما لم تخالف كتاب الله وسُنة رسوله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ»([2]).

وقد ذكروا أن الشروط في النكاح على ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يُشترط مقتضى العقد: ﴿فَإِمۡسَاكُۢ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ تَسۡرِيحُۢ بِإِحۡسَٰنٖۗ [البقرة: 229].


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3594)، والترمذي رقم (1352)، والحاكم رقم (7059)، والبيهقي في «الصغرى» رقم (2106).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2168)، ومسلم رقم (1504).