×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فجلس الرجل لا يدري ماذا يفعل.

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ»، اذهب والتمِس، ولو خاتمًا من حديد. فذهب الرجل، وجاء ولم يجد شيئًا.

فدل: على أن الصداق يجوز أن يكون أقل شيء مما يُتمول ويُنتفع به، ولو كان خاتمًا من حديد.

وفيه دليل: على جواز لُبْس الخاتم من الحديد، ولو كرهه بعض العلماء، لكن الحديث يدل على جوازه؛ لأنه لو كان مكروهًا ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ».

لكن قد يقول بعض العلماء: إن الكراهة تزول عند الحاجة، فالخاتم من الحديد مكروه، ولكن تزول الكراهة عند الحاجة إليه، وهذه حاجة.

«الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ»، فهذا فيه: دليل على أن الصداق لا يتحدد بحد، بل كل ما يُنتفع به ولو كان قليلاً، يكون صداقًا؛ كالخاتم، وكالنعلين، وكالقبضة من التمر، أو القبضة من الشعير، أو من الطعام، أو الثوب... أو ما أشبه ذلك. المهم أنه يكون شيئًا يُنتفع به ولو قليلاً. كما أنه لا حد لأعلاه - لأعلى المهر -.

فالمهر لا حد لأقله ولا حد لأعلاه، ولكن ينبغي عدم المغالاة في المهور، ينبغي التيسير في المهور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً»([1])، فينبغي التيسير في المهور؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم استنكر


الشرح

([1])  أخرجه: النَّسَائي في «الكبرى» رقم (9229)، وأحمد رقم (25119).