×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 وهكذا نرى أن الله شَرَع الطلاق بالتدريج واحدة بعد واحدة، فمعناه أنه لا يجوز أن يطلقها ثلاثًا بكلمة واحدة، فإن طلقها ثلاثًا بكلمة واحدة، فإن هذا بدعي وهذا محرم؛ لأنه خلاف ما أَمَر الله به؛ ولأنه يُغْلِق على نفسه باب الرجعة، وقد يندم فلا يتيسر له الرجوع.

فلذلك حَرَّم الله الطلاق الثلاث بكلمة واحدة.

كما حَرَّم الطلاق في حالة الحيض؛ لأنه قد يَكرهها في حالة الحيض فيطلقها، فإذا طَهُرت اشتاقت نفسه إليها، فهو الذي سبب لنفسه؛ ولذلك حَرَّم الله الطلاق في الحيض.

ولأن الطلاق في الحيض يُطوِّل عليها العِدة؛ لأنها مطلوب منها ثلاث حِيَض، أو ثلاثة أطهار، فإذا طلقها في الحيض لم تُحْسَب الحيضة التي طلقها فيها، بل تستقبل ثلاث حِيَض جديدة، فتطول عليها العدة.

فلذلك حَرَّم الله الطلاق في الحيض.

وحَرَّم الطلاق في طهر جامعها فيه؛ لأنها قد تحمل، إذا كان قد جامعها ثم طلقها، فقد تحمل، يتبين حملها، فيندم على طلاقها بعدما حملت، فهو الذي سبب لنفسه هذا الحرج؛ فلذلك الطلاق في طهر جامعها فيه محرم، وهو بدعي في الوقت.

والله جل وعلا يقول لنبيه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق: 1]؛ أي: طلقة واحدة في طهر لم يمسها فيه، ﴿وَأَحۡصُواْ ٱلۡعِدَّةَۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمۡۖ [الطلاق: 1] إلى قوله تعالى: ﴿لَا تَدۡرِي لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ أَمۡرٗا [الطلاق: 1].


الشرح