×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

الطلاق السُّني: أن يطلقها في طُهْر لم يجامعها فيه طلقة واحدة، ويتركها حتى تنقضي عدتها. فإن بدا له أن يراجعها في أثناء العدة فالفرصة سانحة له. وإن لم يكن له بها رغبة، تركها حتى تنقضي عدتها، وتَبِين منه تلقائيًّا بينونة صغرى.

هذا هو الطلاق السُّني في الوقت، وهو أن يطلقها في طُهْر لم يجامعها فيه، وفي العدد وهو أن يطلقها طلقة واحدة، ويتركها حتى تنقضي عدتها، ثم إذا راجعها في العدة وطلقها مرة ثانية فكذلك، ثم إذا راجعها وطلقها مرة ثالثة، تكامل الطلاق وبانت بينونة كبرى.

قال تعالى: ﴿ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِۖ فَإِمۡسَاكُۢ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ تَسۡرِيحُۢ بِإِحۡسَٰنٖۗ [البقرة: 229]، مرتان، مرة بعد مرة، ثم إذا طلقها الطلقة الثالثة، فلا رجعة له عليها حتى تنكح زوجًا غيره.

والحكمة في كون الطلاق تدريجيًّا: من أجل إتاحة الفرصة للزوج في أن يراجع، قد يندم، ﴿لَا تَدۡرِي لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ أَمۡرٗا [الطلاق: 1]، فقد يطلق وهو غضبان، أو يطلق في حالة اقتضت أن يطلقها، ويتلفظ بطلاقها ثم يندم، فيكون المجال أمامه مفتوحًا في الرجعة، اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ ﴿لَا تَدۡرِي لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ أَمۡرٗا [الطلاق: 1].

ففي المرة الأولى يراجع، وفي المرة الثانية يراجع، وفي المرة الثالثة لا، انتهى: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا [البقرة: 230]، يعني: المرة الثالثة ﴿فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوۡجًا غَيۡرَهُۥۗ [البقرة: 230]، هذه الطلقة الثالثة.


الشرح