فأصبحت بائنًا منه، ينطبق عليها قوله تعالى: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ
زَوۡجًا غَيۡرَهُۥۗ﴾ [البقرة: 230].
فبَعَث «إليها
وكيله» وكيل أبي عمرو بن حفص؛ لأنه كان غائبًا؛ لأن المُطَلِّق كان غائبًا،
فوكيله ذهب بشعير، ذهب إليها بشيء من شعير، من باب التبرع لها، لكنها لما جاءها
الشعير كأنها كرهته تريد أحسن منه؛ لأنها امرأة شريفة وتريد طعامًا يليق بها. فقال
لها الوكيل: «وَاللهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ»؛ يعني: هذا تبرع
منا، وإلا فما لكِ علينا شيء. لأنها بائن، والبائن ليس لها شيء، إنما السكنى
والنفقة للرجعية، للمطلقة الرجعية، وأما المطلقة البائن فليس لها شيء على
المُطلِّق؛ لأن عقد الزوجية انتهى، فليس لها عليه شيء، وإن كانت في العِدة. قال: «وَاللهِ
مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ».
فذهبت إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال: «لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ»،
وَفِي لَفْظٍ: «وَلاَ سُكْنَى»، فدل على أن المطلقة البائن ليس لها نفقة
ولا سُكْنى في مدة العِدة؛ لأنها بانت من زوجها. الرسول صلى الله عليه وسلم أقر
قول الوكيل: «وَاللهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ»، فليس لها شيء.
ثم إن المطلقة تلزمها العِدة، المطلقة سواء كانت رجعية أو بائنة تلزمها العِدة، فلذلك قال لها صلى الله عليه وسلم: «اعْتَدِّي فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ»؛ أم شريك امرأة من الصحابة، ثم إنه استدرك صلى الله عليه وسلم وقال: «تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي»؛ يعني: يزورونها لفضلها، يزورها الصحابة لفضلها رضي الله عنها، فتكون المعتدة عُرْضة للرجال ينظرون إليها.