×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

ثم قال صلى الله عليه وسلم: «اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؛ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى»، لا يبصر، فدل على أن الحجاب من أجل البصر، وأنه لا يجوز النظر إلى وجه المرأة أو إلى جسمها. وأما الأعمى فإنه لا يرى، فلا تحتجب منه المرأة، فإذا اعتدت في بيت ابن أم مكتوم فإنها تضع ثيابها ولا تحتجب لأنه لا يراها، ومعلوم أن بيت ابن أم مكتوم فيه عائلة، فيه زوجته وأولاده.

ما يقال: إنها تعتد في بيت مع رجل تخلو معه!!

لا، ابن أم مكتوم له عائلة وله زوجة، ولكنه هو رضي الله عنه أعمى لا ينظر إلى النساء، ليس له بصر، فدل على أنه لا يجوز للمبصر أن ينظر إلى وجه المرأة، وأن الأعمى ليس منه احتجاب؛ لعدم المحظور في ذلك لأنه لا يرى.

وأما حديث: دَخَل ابن أم مكتوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده اثنتان من نسائه، فقال: «احْتَجِبَا مِنْهُ» فقالتا: يا رسول الله، أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا؟!»([1]).

فهذا حديث ضعيف، والحديث الذي معنا هذا حديث في الصحيح فيُقَدَّم.

فيدل على: أن الحجاب إنما هو من أجل البصر، وأنه إذا لم يوجد بصر فلا يجب الحجاب.

قوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي»؛ يعني: أعلميني إذا انتهت عِدتك.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4112)، والترمذي رقم (2778)، وأحمد رقم (26537).