×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

قالوا: هذا فيه دليل: على جواز التعريض بخِطبة المعتدة، والله جل وعلا يقول: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا عَرَّضۡتُم بِهِۦ مِنۡ خِطۡبَةِ ٱلنِّسَآءِ أَوۡ أَكۡنَنتُمۡ فِيٓ أَنفُسِكُمۡۚ [البقرة: 235]؛ يعني: في العدة. وإنما الذي يَحرم هو الخِطبة الصريحة حرام للمعتدة: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا عَرَّضۡتُم بِهِۦ مِنۡ خِطۡبَةِ ٱلنِّسَآءِ [البقرة: 235]؛ أما التعريض فهو جائز.

وهذا الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم من باب التعريض، أَمَرها إذا انتهت عدتها أن تُعْلِمه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم له فيها غرض سيأتي بيانه.

فلما انتهت من عدتها جاءها خاطبان: أحدهما أبوجهم، والثاني معاوية بن أبي سفيان، فجاءت تستشير النبي صلى الله عليه وسلم، أيهما تتزوج؟

فهذا فيه دليل: على مشروعية المشورة في النكاح، جاءت تستشيره صلى الله عليه وسلم.

فقال صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلاَ يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ»، قيل: معناه أنه يَضرب النساء. وقيل: معناه أنه كثير الأسفار، «لا يضع العصا» يعني: مسافر، فيكثر غيابه عن المرأة. وهذا فيه ضرر على المرأة، سواء كان المعنى أنه يَضرب أو المعنى أنه يسافر، فهذا فيه ضرر على المرأة.

قوله صلى الله عليه وسلم: «وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لاَ مَالَ لَهُ»؛ يعني: فقير.

ففيه دليل: على أن المستشار يبين ما يعلمه مما استشير فيه من الأشخاص، ولا يُعَد هذا من الغِيبة؛ لأن هذا من النصيحة وليس من الغِيبة، ولا شك أن ذكر أبي جهم ومعاوية فيه نقص في حقهما، ولكن


الشرح