×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فدل هذا الحديث: على أن المعتدة للوفاة لا تتزين - كما سيأتي في الإحداد -، فهي فهمت بفقهها أنها انتهت عِدتها بوضع الحمل؛ استدلالاً بقوله تعالى: ﴿وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ [الطلاق: 4]، الآية عامة في المطلقة وفي المتوفى عنها، فهمت ذلك.

فلقيها رجل يقال له: أبو السنابل بن بَعْكَك، فأنكر عليها، وقال لها: لا تخرجي من العِدة إلاَّ بعد مُضِي أربعة أشهر وعَشَرة أيام. عملاً بقوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ [البقرة: 234].

وذلك لأن المرأة في الشهر الرابع يتحرك جنينها، ويُنفَخ فيه الرُّوح، فإذا تم لها أربعة أشهر وعَشَرة أيام - وهذه العَشَرة احتياطية - ولم يتحرك فيها شيء، فهذا دليل على خلو بطنها، فتخرج من العِدة.

فأبو السنابل أَخَذ بظاهر هذه الآية: ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ [البقرة: 234].

وسُبيعة أخذت بالآية الأولى: ﴿وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ [الطلاق: 4]، فلا شك أن كل واحد منهما أَخَذ بآية من القرآن؛ فلذلك أشكل عليها كلام أبي السنابل.

فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله، فأخبرها بأنها قد خرجت من العِدة بوضع الحمل، فتكون آية: ﴿وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ [الطلاق: 4]، مُخَصِّصة لآية: ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ [البقرة: 234].


الشرح