×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ!!

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ لَكَ إبِلٌ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَمَا أَلْوَانُهَا؟» قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: «فَهَلْ يَكُونُ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟» قَالَ: إنَّ فِيهَا لَوُرْقًا. قَالَ: «فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ؟» قَالَ: عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ! قَالَ: «وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ»([1]).

*****

  هذا الرجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعَرَّض عنده تعريضًا بالمرأة، قال: «إن ابني أسود»، «جاء ابني أسود» !! هذا تعريض بالمرأة، كأنه يقول: «الولد ليس مني لأنه أسود»، ولكن هذا لا يصلح أن يكون قذفًا ولا يصح، مجرد اللون لا يصلح أن يُشكِّك في المرأة؛ لأن اللون يحتمل أنه جاءه وراثيًّا من جد قريب أو بعيد.

هذا ما يسميه الأطباء الآن: «الوراثة»، يقولون: يمكن جده الأعلى أسود، فجذبه عرق، ووصل السواد إلى هذا الابن من أجداده، وأبوه أبيض، لكن إذا كان جده أو جد جده أسود، يمكن أن يسري إليه.

فالرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، لم يتسرع في هذا الأمر، بل إنه ضَرَب المثل المقنع الواضح، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ لَك إبِلٌ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَمَا أَلْوَانُهَا؟» قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: «فَهَلْ يَكُونُ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟». والأورق: هو الذي يكون فيه لون رمادي، اللون الرمادي


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5305)، ومسلم رقم (1500).