×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فهذا الحديث هو من النوع الأول؛ أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه اختصم هو وعبد بن زمعة رضي الله عنه في مولود من امرأة مملوكة لوالد عبد، مملوكة لزَمْعة، وكان يطأها بمِلك اليمين، فولدت هذا المولود.

لكن كانوا في الجاهلية يؤجرون الجواري للزنى ويأخذون من كسبهن؛ ولهذا قال الله جل وعلا: ﴿وَلَا تُكۡرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمۡ [النور: 33]، يعني: المملوكات، هذا على ما كان في الجاهلية: ﴿عَلَى ٱلۡبِغَآءِ إِنۡ أَرَدۡنَ تَحَصُّنٗا لِّتَبۡتَغُواْ عَرَضَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ [النور: 33]، ونَهَى النبي صلى الله عليه وسلم عن مهر البَغِيّ، فهو حرام، «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ»([1]).

فلما كان عتبة بن أبي وقاص أخو سعد رضي الله عنه، قد فَجَر بهذه الجارية في الجاهلية، فَجَر بها في الجاهلية على ما كانت عادتهم؛ أوصى أخاه سعدًا بأن هذا الولد له، فطالب به سعد بِناءً على وصية أخيه. وأيضًا: وجود الشَّبَه، فإن فيه شبهًا بعتبة بن أبي وقاص؛ ولهذا قال سعد رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: «اُنْظُرْ إلَى شَبَهِهِ! وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: هَذَا أَخِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي!!» بالتسري.

فهذا يَدَّعي الشَّبَه، وهذا يَدَّعِي الفراش، والفراش أقوى، فحَكَم به صلى الله عليه وسلم لعَبْد بن زَمْعة، وقال: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ»؛ يعني: لمن كانت زوجة له، «وَلِلْعَاهِرِ»؛ يعني: الزانية «الْحَجَرُ»، وهو الرجم. وقيل: «الحجر» معناه: الخَيبة والخَسارة، فلها الخَيبة والخَسارة.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2237)، ومسلم رقم (1567).