×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

ثم قال صلى الله عليه وسلم: «احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ»، سودة بنت زمعة أم المؤمنين، احتجبي منه نظرًا للشَّبَه. فهذا من باب الاحتياط، أَمَرها صلى الله عليه وسلم بالاحتجاب من باب الاحتياط؛ نظرًا للشَّبَه.

فدل هذا الحديث على:

أولاً: على أن الولد يُلْحَق بالزوج، لمن له الفراش. وكذلك يُلْحَق بالسيد الذي يتسرى بأَمَته؛ لأن التسري مثل النكاح، بل هو أقوى من عقد النكاح، يقولون: مِلك اليمين، وهو أقوى من عقد النكاح، فالولد يكون للوَطء الشرعي بنكاح أو بتَسَرٍّ.

فدل على: أن أقوى ما يُلْحَق به النسب هو الفراش، وإن كان فيه شَبَه بغير صاحب الفراش، فالفراش مُقَدَّم على غيره.

ولكن نظرًا لوجود الشَّبَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَر سودة أن تحتجب منه، مع أنه ألحقه بأبيها، ولكن هذا من باب الاحتياط.

ثانيًا: ودل هذا الحديث على وجوب الرجوع إلى أهل العلم في فض النزاعات والخصومات، والرجوع إلى الشريعة والمحاكم الشرعية، ولا يُرجَع إلى أعراف الناس وأحكام الجاهلية، بل يُرجَع إلى المحاكم الشرعية. وأما مَن يتحاكم إلى العادات القَبَلية فإنه يتحاكم إلى الطاغوت، فالحكم بغير ما أنزل الله حكم الطاغوت، على أي نوع كان.

ثالثًا: فيه أن الفراش مُقَدَّم على الشَّبَه؛ لأنه أقوى منه.

رابعًا: فيه الاحتياط مع كون النبي صلى الله عليه وسلم ألحقه بزمعة والد سودة، فالمقتضى أنه يكون أخًا لها، لكن نظرًا لوجود الشَّبَه، فالنبي صلى الله عليه وسلم أَمَرها


الشرح