فجاء قائف يَعرف
الأقدام ويَعرف الشَّبَه، وكان زيد وأسامة ملتحفين بقطيفة، وظاهرة أقدامهما، فنظر
إليهما مُجَزِّز المُدْلِجي، فقال: «الله أكبر!!»؛ متعجبًا «إِنَّ
بَعْضَ هَذِهِ الأَقْدَامِ لَمِنْ بَعْضٍ»، مع أن بعضها أسود وبعضها أبيض، لكن
هذا قائف يَعرف، الذي يسمونه الآن المري، ويَعرف الشَّبَه، «إنَّ بَعْضَ هَذِهِ
الأَقْدَامِ لَمِنْ بَعْضٍ».
فسُرَّ رسول الله صلى
الله عليه وسلم سرورًا عظيمًا؛ لأن الله كشف هذه الشبهة بكلام هذا الخبير
بالأشباه، «إنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأَقْدَامِ لَمِنْ بَعْضٍ».
فانقطع التشكيك الذي
كان يحاك في هذه القصة؛ ولذلك دخل على عائشة رضي الله عنها وهو مسرور شديد السرور صلى
الله عليه وسلم، وأخبرها بذلك.
مع أنه سَبَق لنا
قصة الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن امرأتي ولدت غلامًا أسود!!
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ لَكَ إبِلٌ؟» قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: «فَمَا أَلْوَانُهَا؟» قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: «فَهَلْ يَكُونُ
فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟» قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا. قَالَ: «فَأَنَّى
أَتَاهَا ذَلِكَ؟!» قَالَ: عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ! قَالَ: «وَهَذَا
عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ»([1])؛ يعني: من أجداده.
فأزال صلى الله عليه وسلم اللَّبس، أزال اللبس بالوراثة، أنه يُعمل بالوراثة؛
وكذلك يُعمل بالشَّبَه كما في هذا الحديث.
فهذا الحديث يدل: على أن الولد يُلْحَق بالشَّبَه إذا لم تكن أمه فراشًا لأحد، فيُلْحَق بالشَّبَه.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5305)، ومسلم رقم (1500).