عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:
«كُنَّا نَعْزِلُ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ»([1]).
قَالَ سُفْيَانُ: لَوْ كَانَ شَيْئًا يُنْهَى عَنْهُ،
لَنَهَانَا عَنْهُ الْقُرْآنُ.
*****
لا تفعلوا، بل قال: «وَلِمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ
أَحَدُكُمْ؟!»، من باب الاستنكار، لا من باب النهي.
فدل على: أن العزل جائز،
لكن الأحسن تركه.
ودل على: أن العزل لا يَمنع
من الحَمل إذا أراده الله، إذا أراد الله فإن الحمل يحصل بتسرب الماء ولو لم يعلم
الزوج. إذا أراد الله أن يَخلق شيئًا، خلقه مهما فعلنا من الأسباب.
فالعَزْل لا يمنع
الحمل، لكنه إذا تراضى عليه الزوج والزوجة، فلا مانع منه، إذا تراضيا فلا مانع
منه. أما إذا لم تَرْضَ الزوجة، فإنه لا يجوز؛ لأن لها حقًّا في الجماع، ولها حق
في الحمل.
فلابد من تراضي
الزوجين عليه، فإذا تراضيا فإنه يجوز، ولكنه لا يمنع ما قَدَّره الله سبحانه
وتعالى، فالأسباب لا تمنع القدر، لكن أُمِرنا بفعل الأسباب، والقدر بيد الله سبحانه
وتعالى.
وهذا أيضًا يؤيد ما
سبق، أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يَنْهَ عنه، ولم يقل: لا تفعلوا. وإنما
بَيَّن صلى الله عليه وسلم أنه لا يَمنع القَدَر، ولا يَمنع الحَمل إذا قَدَّره
الله عز وجل. فهذا يؤيد الحديث السابق.
«عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: «كُنَّا نَعْزِلُ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ»»، هذا فيه الاحتجاج بالتقرير.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5208)، ومسلم رقم (1440).