فهذا كلام قبيح
شنيع، عالجه الإسلام بهذا الحكم الفاصل؛ حتى يرتدع الناس عن إشاعة الفاحشة والكلام
المحرم البذيء وتلطيخ الأعراض.
فَكِّر إذا قال: «فلان
زانٍ»، أو «فلانة زانية»، ماذا يلحق المقذوف؟ يلحقه الذل والهوان؛ لأنه أفسد عرضه
بالكلام هذا، والناس ما يصدقون هذا، لو أخذ ماله كله كان أهون من قذفه بالفاحشة،
أهون؛ لأن العِرض أغلى من المال.
فالله جل وعلا
من أجل صيانة الأعراض عن الكلام الذي يلطخها، أوجب الحد على القاذف، إلاَّ إن جاء
بأربعة شهود يشهدون ويصفون الواقع، ليس فقط يشهدون أن فلانًا زنى أو أن فلانًا فَعَل
اللواط.
لا، ما يكفي هذا،
لابد أن يصفوا الجريمة كيف حصلت وصفًا دقيقًا، ما يكفي أنه يقول: «فلان زنى»، أو «فلان
فَعَل اللواط»، لا، لازم يصف الجريمة بوصفها؛ لأنه إذا قال: «فلان زنى» يحتمل أنه
زنى غير فعل الفاحشة؛ لأن الزنا يختلف؛ العين تزني وزناها النظر([1])، فالزنى يختلف؛
فلابد أن يفسره بما لا يَقبل الاحتمال أنه زِنى صريح، وهو فعل الفاحشة، وهو أنه
رأى ذَكَره في فرجها صراحة، كل واحد يقول هذا، لا بد.
وإلا فإنهم يُحَدون، الشهود يُحَدون، يقام عليهم الحد؛ لأنهم صاروا قَذَفة، إذا لم يصفوه ويبينوه فإنهم قَذَفة يُحَدون.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6243)، ومسلم رقم (2657).