×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

قوله: «فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُجِبْهُ»، هذا فيه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجبه لأنه سأل عن شيء لم يقع، وهذا أمر مستكره، لا يجوز البحث عنه قبل وقوعه.

فهذا فيه: تأديب من الرسول صلى الله عليه وسلم للناس، وأنهم ما يسألون عن أشياء مستكرهة قبل وقوعها، لاسيما ما يتعلق بالأعراض.

قوله: «إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ اُبْتُلِيتُ بِهِ!!»، هذا فيه: دليل على أن مَن تكلم بأمر مكروه أنه يُبتلى به عقوبةً له، فلو أنه سكت من الأول لسَلِم. فهذه عقوبة - والعياذ بالله -.

قوله: «فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل هَؤُلاَءِ الآيَاتِ فِي سُورَةِ النُّورِ»، هذا سبب نزول الآيات، سؤال هذا الرجل هو سبب نزول هذه الآيات الكريمة من أول سورة النور.

«فَتَلاَهُنَّ» الرسول صلى الله عليه وسلم «عَلَيْهِ»، فحينئذٍ لابد أن يقام عليه الحد لأنه قاذف، إلاَّ أن أسقطه باللعان، «وَوَعَظَهُ» وعظه الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ما يُقْدِم على اللعان، وأنه يتوب إلى الله مما قال إن لم يكن متأكدًا، يتوب إلى الله، ولا يُقْدِم على اللعان؛ لأن هذا أمر خطير.

فهذا فيه دليل: على أن الحاكم قبل أن يقيم اللعان يعظ الطَّرَفين، ويقول: «عَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ»؛ يعني: كونه يقام عليك الحد في الدنيا أهون من عذاب الآخرة: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ٱلۡغَٰفِلَٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ٢٣ يَوۡمَ تَشۡهَدُ عَلَيۡهِمۡ أَلۡسِنَتُهُمۡ وَأَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٢٤ يَوۡمَئِذٖ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلۡحَقَّ وَيَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ ٱلۡمُبِينُ [النور: 23- 25].


الشرح