×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فتحرجت سُهَيْلة بنت سهيل بن عمرو، تحرجت من هذا الرجل، فأفتاها النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ»([1])، فأرضعته، وصار من محارمها.

قالوا: هذا دليل على أنه عند الحاجة لا بأس أن ترضع الكبير ويكون ابنًا لها.

لكن الجمهور يقولون: لا، ما يصلح هذا، وقضية سُهَيْلة هذه قضية عين، لا عموم لها، هذه خاصة بسُهَيْلة فقط، لا عموم لها. بدليل أن الصحابة ما كانوا يعملون هذا، وهم يعلمون قصة سهيلة، ما كانوا يعملون هذا. فهو كالإجماع على أن إرضاع الكبير لا ينشر الحرمة، ولكن مَن أفتى به أخذه من قصة سُهَيْلة، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، أخذ بها.

ولكن الصحيح: أن هذا لا يجوز، وأنه خاص بسُهَيْلة.

قالوا: وهي قضية عين لا عموم لها، بدليل أن الصحابة ما عملوا بها، لو كان لها عموم لفعلها الصحابة.

قوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ»؛ يعني: يكون الرضاع بديلاً عن الطعام، يسد الجوع، لا يسده غيره.

هذا فيه: دليل على أنه لا يَحْرُم من الرضاعة إلاَّ ما كان قبل الفِطام. أما إذا استغنى الطفل بالطعام، فإن إرضاعه لا يؤثر ولا يفيد المَحْرَمية.

فهذا الحديث فيه مسائل:

الأولى: فيه الغيرة، غيرة الرجل على امرأته؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1453).