×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنه أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا!

فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنِّي. قَالَ: فَتَنَحَّيْتُ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: «كَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا؟»([1]).

*****

  هذا الحديث عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: قد تزوجت. يعني: عقدتُ على امرأة، أم يحيى بنت أبي إهاب، تزوجتُها، «فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ»، أَمَة سوداء يعني: مملوكة سوداء، «فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا».

فجاء عقبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره ويسأله، فالنبي صلى الله عليه وسلم أعرض عنه ولم يجبه، ثم إنه تنحى ثم جاء مرة ثانية للنبي صلى الله عليه وسلم، فسأله مرة ثانية؛ لأنه في حاجة إلى السؤال، وصاحب الحاجة يُلح حتى يحصل على حاجته.

النبي صلى الله عليه وسلم في المرة الثانية أجابه، فقال: «كَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا؟».

فهذا الحديث فيه: دليل على أن الرضاع يُحَرِّم، وأن الرجل والمرأة، أو الرجلين أو المرأتين، إذا رضعا من امرأة واحدة، صارا أخوين؛ لأن الرضيعين إذا رضعا من امرأة واحدة، صارا أخوين من الرضاعة، فلا يجوز التزاوج بينهما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الوِلاَدَةِ»([2])، وقال صلى الله عليه وسلم: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»([3]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2659).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2646)، ومسلم رقم (1444).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (2645)، ومسلم رقم (1445).