والله جل وعلا يقول في المحرمات: ﴿وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ﴾ [النساء: 23].
فهذه صارت أختًا
لهذا الرجل؛ فلذلك أمره النبي صلى الله عليه وسلم بفراقها.
فدل على: أنه إذا ثَبَتت
الرضاعة بين الزوجين أنه يُفَرَّق بينهما، وأن ما مضى من عشرته لها ووَطئه لها
يُعْذَر فيه بالشبهة، والأولاد له، يُلحقون به؛ لأنه وَطء بشبهة، فيُلْحَق الأولاد
به ويُحْفَظ نسبهم.
وفي الحديث دليل: على أنه يُقْبَل
في الرضاع شهادة امرأة واحدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمد شهادة هذه
المرأة.
وهذا هو مذهب الإمام
أحمد رحمه الله: أنه يُقبل في الرضاعة شهادة امرأة واحدة إذا كانت ثقة.
والجمهور: على أنه لا
يُقْبَل شهادة امرأة واحدة في الرضاعة، لا بد من شاهدين أو عدة نساء. وحملوا تفريق
النبي صلى الله عليه وسلم بين هذين الزوجين على أنه من باب الاحتياط واجتناب
الشبهة، لا أنه من باب التحريم. هذا جوابهم عن هذا الحديث: إنه من باب
الاحتياط ودَرْء الشبهة.
وأما عند الإمام
أحمد: فيرى أنه للتحريم، وأن شهادة امرأة واحدة تكفي؛ لأن الرضاع من الأمور التي
لا يَطلع عليها إلاَّ النساء، وهي لم تقل: إن فلانة أرضعتكما، وإنما تقول: أنا
أرضعتكما، فهي أقرت بأنها أرضعتهما، فيُفَرَّق بينهما.
ودل على: أن المرأة ولو كانت مملوكة تُقبل شهادتها، إذا كانت ثقة.