أبي لهب - كما سبق -، فهما أخوان من الرضاعة؛
ولهذا تقول: «يَا عَمُّ، يَا عَمُّ».
فأَخَذها علي بن أبي
طالب رضي الله عنه، وهو ابن عمها، ودفعها إلى فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم،
وقال: «دونك»، هذا في الطريق.
فلما وصلوا إلى
المدينة، تخاصم الثلاثة: علي، وجعفر - أخوه جعفر بن أبي طالب -، وزيد بن حارثة
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل واحد يريد أن يأخذها عنده وأن يربيها. وهذا
من تسابقهم على الخير وحرصهم على الخير، كل منهم يريد أن يأخذ هذه الطفلة ويُحْسِن
إليها ويربيها، فتخاصموا عند الرسول صلى الله عليه وسلم في حضانتها.
فالرسول صلى الله
عليه وسلم حَكَم بحضانتها لخالتها، وقال: «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ»،
ولم يعطها لواحد من الثلاثة، ما دامت الخالة موجودة، فهي بمنزلة الأم، فالخالة
بمنزلة الأم من ناحية البر والصلة والحرص على الطفل -على ابن أختها- فهي أشفق
عليه؛ فلذلك دفعها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها، التي هي زوجة جعفر بن أبي
طالب، وقال لها: «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ».
فهذا دليل: على أن
النساء يُقَدَّمن في الحضانة على الرجال؛ لأنهن أشفق على الطفل وأعرف بمصالحه من
الرجال، وأفرغ لتربيته. فهذا فيه دليل على أن النساء يُقَدَّمن على الرجال في
الحضانة.
وقال مطيبًا لخواطر الثلاثة، وهذا من مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم، طَيَّب خواطر الثلاثة: