فآثر أن يبقى مملوكًا للرسول صلى الله عليه وسلم،
لما لمس من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الاستفادة منه،
فآثر الرق مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
فعند ذلك طابت خواطر
قومه ورجعوا، فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم، فصار مولى للرسول صلى الله عليه
وسلم.
ولهذا قال الله جل
وعلا: ﴿وَإِذۡ تَقُولُ لِلَّذِيٓ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَأَنۡعَمۡتَ
عَلَيۡهِ أَمۡسِكۡ عَلَيۡكَ زَوۡجَكَ﴾ [الأحزاب: 37]. أنعم الله عليه
بالإسلام، وأنعمتَ عليه بالعتق، وهو زيد بن حارثة رضي الله عنه، فهذه قصة زيد بن
حارثة.
قال له النبي صلى الله عليه وسلم:
«أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلاَنَا»؛ يعني: عتيقنا - ومولى القوم منهم؛ كما قال
صلى الله عليه وسلم: «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمُ»([1]) - وأخونا في
الإسلام.
في حين أن كلًّا
منهم أدلى عند الدعوى بحجته:
فعلي بن أبي طالب
يقول: «هذه ابنة عمي، وهي مع فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ».
وجعفر يقول: «ابْنَةُ عَمِّي
حَمْزَةَ».
وزيد بن حارثة يقول: «ابْنَةُ
أَخِي».
كيف زيد بن حارثة
يقول: «ابْنَةُ أَخِي» ؟ هل حمزة أخ لزيد؟
لا، من النسب لا،
ولكن أخ له بالمؤاخاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة آخى بين
المهاجرين، آخى بين حمزة وبين زيد بن حارثة. فهذا معنى قوله: «ابْنَةُ أَخِي»؛
يعني: بالمؤاخاة «وَخَالَتُهَا تَحْتِي».
فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها، وقال: «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ».
([1]) أخرجه: النسائي رقم (2612)، والدارمي رقم (2570)، وأحمد رقم (18992).