×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فِي الدِّمَاءِ»([1]).

*****

فدل هذا الحديث: على مشروعية القِصاص، وهو محل الشاهد من الحديث للباب.

«أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ...» عند الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله يَحكم بين عباده يوم القيامة، فيُنصِف المظلومين من الظالمين، وتؤخذ الحقوق من الظَّلَمة وتُعْطَى للمظلومين!!

وأول ما يُقْضَى بين الناس من حقوق العباد؛ الدماء! فدل على احترام الدماء وصيانة الدماء؛ لأنها تُقَدَّم يوم القيامة على غيرها من حقوق البشر.

ولا يتعارض هذا مع قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ: الصَّلاَةُ»([2])، هذا من حقوق الله، فأول ما يُسأل العبد يوم القيامة من حقوق الله: عن الصلاة. وأول ما يُسأل عنه من حقوق المخلوقين - الدماء. فلا تعارض بين الحديثين، والحمد لله.

فدل هذا الحديث: على حرمة الدماء وخطورة الاعتداء عليها؛ لأن الله جل وعلا يقدمها يوم القيامة على غيرها من حقوق المخلوقين حينما يقضي ويحكم بين عباده سبحانه وتعالى.

فالظالم وإن سَلِم في الدنيا ولم تؤخذ منه المظالم، إن سَلِم في الدنيا فإنه لن يَسْلَم في الآخرة، ولو أُخِذت منه المظالم في الدنيا لكان


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (6533)، ومسلم رقم (1678) واللفظ له.

([2]) أخرجه: أبو داود رقم (864)، والترمذي رقم (413)، والحاكم رقم (965).