×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

ولا شك أن الاعتداء على النفوس المعصومة كبيرة من كبائر الذنوب، قال تعالى: ﴿وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا[النساء: 93]، هذا في قتل المؤمن.

وفي قتل المُعاهَد قال الله جل وعلا: ﴿وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ [الإسراء: 33]، النفس التي حَرَّم الله تشمل نفس المؤمن ونفس المُعاهَد؛ لأن المُعاهَد حَرَّم الله قتله، بدليل ما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا، لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا»([1])، المُعَاهَد كافر، لكن العهد صان دمه وحَرَّمه، فصار الذي يقتله لا يجد ريح الجنة، هذا وعيد شديد - والعياذ بالله -. فالنفس التي حَرَّم الله تشمل المؤمن وتشمل الكافر المُعاهَد.

وفي الآية ما توعده الله به: ﴿فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ [النساء: 93]، هذه واحدة، ﴿خَٰلِدٗا فِيهَا [النساء: 93]، هذا وعيد شديد: ﴿وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا[النساء: 93]، أنواع من الوعيد، توعد الله بها مَن قَتَل مؤمنًا متعمدًا، قال جل وعلا: ﴿مِنۡ أَجۡلِ ذَٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ [المائدة: 32]؛ يعني: إما تُقتل قصاصًا، أو من أجل منع الإفساد في الأرض، ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنۡ أَحۡيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحۡيَا ٱلنَّاسَ


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (3166).