يعني: تخليدًا مؤقتًا، يعني: يَطول عذابه فيها
أكثر من غيره من أصحاب الكبائر. وليس معناها عند الجميع أنه يُخَلَّد في النار،
لأنه ليس كافرًا، ولا يُخَلَّد في النار إلاَّ الكافر والمشرك.
وهذا يدل: على شناعة سفك
الدماء، وأنه عند الله عظيم خطير! ولهذا شَرَع الله القِصاص؛ لأجل تلافي هذه
الجريمة، وحماية دماء المسلمين، وحماية المجتمع عن القتل بغير حق.
والحكمة في هذا
ظاهرة؛ أن المجتمع الذي يقام فيه القِصاص تَسْلَم فيه النفوس من القتل. وأما
المجتمع الذي لا يقام فيه القِصاص، فيكثُر فيه قتل النفوس والاعتداء على الأبرياء،
وتكثر فيه الجرائم.
ولا يغني عن القِصاص
الحبس المؤبد - كما يقولون -، ولا يردع الناسَ الحبس؛ لأنه حتى ولو حُبِس فهو لا
يردع الناس.
وأيضًا: الحبس عُرضة لأنه
يَخرج فيما بعد، أو يتوسط له أحد ويُخرجه.
فالقتل حَسْم لهذه الجريمة، ولا تُقْبَل فيه شفاعة، لو وجب القِصاص على أحد وطالب صاحب الحق، فليس لأحد أن يتدخل لإسقاط القِصاص، إلاَّ برضا صاحب الدم، إذا رَضِي وقَبِل التنازل عن القصاص - إما بعوض وإما بغير عوض - فله ذلك، «وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا يُودَى، وَإِمَّا يُقَادُ»([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2434)، ومسلم رقم (1355).