×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ؛ إلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ»([1]).

*****

فالخيار لولي الدم، ولا يعترض عليه أحد، لو اختار القِصاص يُنفَّذ ولا أحد يمنعه، لا سلطان ولا وجيه ولا أحد، إنما هذا راجع إلى رضاه هو، واختياره هو.

فهذا فيه: رحمة للناس، وصيانة لدمائهم، وحفظ لأمنهم واستقرارهم. فلله الحكمة البالغة في ذلك.

نعم، لا يحل دم امرئ مسلم. مَن المسلم؟

هو: الذي يشهد أن لا إله إلاَّ الله وأن محمدًا رسول الله، ولم يَظهر منه ما يناقض الشهادتين. هذا يحرم دمه وماله.

أما إذا كان منافقًا، ولم يَظهر منه نفاق، ولكنه في قلبه كافر، وإنما أظهر الإسلام لأجل أن يَسْلَم من القتل؛ فإنه تُقْبَل منه علانيته، وتُوكل سريرته إلى الله جل وعلا؛ ولهذا قَبِل النبي صلى الله عليه وسلم علانية المنافقين، قَبِل إسلامهم وكف عنهم، فقال: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ»([2])، أو «وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ»([3])،


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (6878)، ومسلم رقم (1676).

([2]) أخرجه: البخاري رقم (25)، ومسلم رقم (22).

([3]) أخرجه: ابن ماجه رقم (71).