×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فطلب منه أن يقيم عليه حد الزنى، النبي صلى الله عليه وسلم لم يستعجل في ذلك، بل أعرض عنه.

ثم كَرَّر الاعتراف عند الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى بلغ أربع مرات، فلما بلغ أربع مرات يُقر، النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتثبت من شأنه، من ناحية عقله، فلعله أن يكون أَقَر وهو غير كامل العقل، يكون هذا نتيجة خلل في عقله، فأُخْبِر أنه ليس في عقله بأس، ثم سأل الرجل: «فَهَلْ أُحْصِنْت؟»؛ يعني: هل تزوجتَ، ووَطِئت زوجتك؟ قال: نعم. اعترف بالإحصان.

عند ذلك أَمَر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة، ووَكَّلهم بأن يذهبوا به ليرجموه، لينفذوا فيه الحد، فرجموه في المصلى؛ يعني: مصلى الجنائز؛ لأنه كان من عادتهم أنهم يجعلون للجنائز مُصلًّى خاصًّا غير المسجد، ويجوز الصلاة عليها في المسجد، وقد صَلَّوْا على بعض الصحابة في المسجد، لكن كان المعتاد أنهم يُصَلُّون عليها في مكان يُسمى «مُصلَّى الجنائز» في بقيع الغرقد.

فذهبوا به وجعلوا يرجمونه، فلما مسته الحجارة وتألم، هرب؛ لأنه تألم جدًّا، فهرب يريد أن يخف عليه الألم.

وهذا شيء في النفس البشرية، ليس كراهية ولا تراجعًا عن الإقرار، ولكن النفس البشرية عند الألم تنفر، هذه هي الطبيعة البشرية.

فطلبوه، وأقاموا عليه الحد في الحَرَّة. والحَرَّة: أرض حول المدينة من الجانب الشرقي والجانب الغربي، وهي أرض عليها حجارة سُود، والمدينة بين حَرَّتين: الحَرَّة الشرقية، والحَرَّة الغربية.


الشرح