×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فأدركوه، وأكملوا عليه الحد؛ تنفيذًا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وتحقيقًا لرغبته رضي الله عنه.

فهذا الحديث فيه مسائل عظيمة:

المسألة الأولى: فيه ما بَلَغ بهذا الصحابي الجليل من التوبة إلى الله عز وجل والندم، وأنه قَدَّم نفسه للرجم تائبًا إلى الله عز وجل.

المسألة الثانية: فيه أن نصاب الإقرار في الزنى أربع مرات؛ كما أن نصاب الشهود أربعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرجمه في المرة الأولى ولا الثانية ولا الثالثة، حتى أَقَر أربع مرات؛ فدل على أن نصاب الإقرار أربع مرات. وأما الشهود على الزنى فهم أربعة: ﴿وَٱلَّٰتِي يَأۡتِينَ ٱلۡفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمۡ فَٱسۡتَشۡهِدُواْ عَلَيۡهِنَّ أَرۡبَعَةٗ مِّنكُمۡۖ [النساء: 15]، ﴿وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَأۡتُواْ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَٰنِينَ جَلۡدَةٗ [النور: 4]، ﴿لَّوۡلَا جَآءُو عَلَيۡهِ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَۚ [النور: 13].

فنصاب الشهادة على الزنى أربعة شهود، ونصاب الإقرار اختَلف العلماء فيه على قولين:

القول الأول: - وهو قول الجمهور - أنه أربع مرات؛ كما في هذا الحديث.

القول الثاني: أنه يكفي فيه مرة واحدة؛ كسائر الإقرارات. وبدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في امرأة الذي زنى بها العَسِيف: «واغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا»، ولم يقل: أربع مرات. فدل على أنه يكفي مرة واحدة.


الشرح