لأنهن آمنات في بيوتهن، قد تكون المرأة تتوضأ،
أو تقضي حاجتها، أو تستحم... أو غير ذلك؛ لأنها في مأمن في بيتها وفي سِتر، يكون
في البيوت أسرار، لا يجوز لأحد أن يطلع عليها، أو يستمع إلى أحاديث أهلها.
فلا يجوز الاطلاع
على عَوْرات البيوت ولا الاستماع والتنصت عليها، إلاَّ في حالة الاشتباه؛ كأن يكون
هناك مجرمون أو لصوص أو ناس لجئوا إلى بيوت ليدبروا المؤامرات، أو عندهم أشياء
فيها خطر على المسلمين؛ كجباية الأسلحة... وغير ذلك، فإنه لا بأس بأن يُتَابَع
هؤلاء، وأن يُستمَع إلى أقوالهم وما يتناجَون به فيما بينهم، وتُستعمل الآلات التي
تُظْهِر هذا، وأن يُطَّلَع عليهم؛ حتى يُقْبَض عليهم. هذا للمصلحة العامة، مصلحته
أكثر مما فيه من الضرر، إن كان فيه ضرر.
أما الأناس الأبرياء
والأتقياء، فهؤلاء لهم حُرمة، والبيوت لها حرمة، قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدۡخُلُواْ بُيُوتًا غَيۡرَ
بُيُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰٓ أَهۡلِهَاۚ﴾ [النور: 27]، فلابد من الاستئذان
بالسلام عليهم؛ حتى يشعروا أن أحدًا يريد الدخول عليهم، فيستعدوا لاستقباله.
فالاستئذان لحرمة البيوت، فلو أن إنسانًا انتهك الحرمة، وتَطَلَّع إلى بيوت الناس ليرى عَوْراتهم، فلهم أن يفقئوا عينه، العين التي أجرمت وتريد الاطلاع تُفقأ؛ لأنها لا حرمة لها، كما أن يد السارق تُقطع لأنها خائنة، فكذلك العين تُفقأ. لو أن صاحب البيت حذف حجرًا أو شيئًا خفيفًا على هذا الذي يطلع، فأصاب عينه فذهبت، فإنها هَدَر لأنها غير محترمة.