×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

والسر في كونه في السرقة يُقطع وفي النهب والغصب لا يُقطع فيه: أن السارق لا يمكن مدافعته، يأتي خُفية وفي مأمن، ويأخذ المال. وأما الناهب، فهذا يأتي علانية، وبإمكان صاحب المال أنه يدافع، أو أنه يستنجد بمن يدفع هذا الصائل. بخلاف السرقة، صاحب المال آمن على ماله، ولا يدري عن مجيء السارق خُفية، فالسرقة الأخذ بخُفية، ومنه استراق السمع وهو الأخذ بخُفية.

فهذا وجه الفرق في أن السارق يُقطع، وأما المغتصب والمنتهب لا يُقطع. لكن ليس معنى ذلك أن يُترك يروح، بل يُعَزَّر ويُغَرَّم المال، إنما الكلام في القطع فقط.

والذي يُقطع في السرقة هو اليد: ﴿فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا [المائدة: 38]، واليد هي الكف، من مَفصِل الكف، وهو المفصل الذي يجمع بين الذراع وبين الكف، يُسمى بالكُوع. وأما الذي يَجمع بين العضد والذراع، فهذا يسمى المِرفق، ما يُسمى الكوع، الناس يسمونه الكوع، هذا غلط، الكوع، هو ما بين رأس الذراع وبين الكف، هذا هو الكوع([1]).

فتُقطع اليد من الكوع، من مفصل الكف. وأي اليدين تُقطع؟ اليد اليمنى.

مِن أين أخذنا هذا، والله جل وعلا يقول: ﴿وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا [المائدة: 38]. ولم يُفَصِّل؟


الشرح

([1]) قال ابن السِّكِّيت: الكوع والكاع: طَرَف الزَّنْد الذي يلي أصل الإبهام. انظر: العين (2/ 181)، وتهذيب اللغة (3/ 28)، والصحاح (3/ 1278)، ولسان العرب (8/ 316).