×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟!

فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟!».

ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ. وَايْمُ اللهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَهَا»([1]).

وَفِي لَفْظٍ: كَانَتِ امْرَأَةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ يَدِهَا([2]).

*****

 هذا حديث عظيم!! فيه أن الحدود لا يُحابَى بها، تقام على الشريف وعلى الوضيع؛ خلافًا لمن كان في الأمم السابقة التي غَيَّرت وبَدَّلت، فإنهم كانوا يقيمون الحدود على الضعفاء ولا يقيمونها على الأكابر.

والنبي صلى الله عليه وسلم أقسم لو أن فاطمة سرقت لقطع يدها، مع أنها من أشرف الناس، قرشية هاشمية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم.

لو سرقت، يعني من باب الافتراض، وإلا فحاشاها أن تسرق رضي الله عنه.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (3475)، ومسلم رقم (1688).

([2]) أخرجه: مسلم رقم (1688).