×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فاستقر رأي الصحابة على أن يُجعل حد الخمر ثمانين، يُرفع من أربعين إلى ثمانين؛ نظرًا لتساهل الناس في هذا الأمر، فلابد من التماس ما يردعهم. في حين أن رواية الحديث ليس فيها تحديد بالأربعين، قال: «نحو أربعين»، فدل على أن الأمر فيه احتمال للزيادة حسب المصلحة.

فاستقر الأمر على ثمانين جلدة، وهذا مذهب الجمهور، لعمل عمر رضي الله عنه، وهو الخليفة الراشد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمُ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ»([1])، وعمر هو الخليفة الثاني من الخلفاء الراشدين، واستقر في وقته الجلد على ثمانين جلدة، هذا سُنة من سُنن الخلفاء الراشدين، فيكون الحد ثمانين جلدة على الخمر.

وذهب جماعة، منهم الإمام الشافعي رحمه الله، ورواية عن أحمد؛ إلى أن حد الخمر أربعون؛ نظرًا لما جاء في الأحاديث، وإن ما فَعَله عمر هو من باب التعزير لا من باب الحد، وللإمام أن يُعزر حَسَب ما يرى فيه المصلحة، لكن الحد الرسمي أربعون جلدة، وإذا رأى إمام المسلمين الزيادة، فيكون هذا من باب التعزير لا من باب الحد. وهذا قول ثالث في هذه المسألة.

فتكون الأقوال ثلاثة:

أولاً: أن حد الخمر ثمانون؛ كما هو قول الجمهور.

ثانيًا: أنه أربعون، ولا يزاد.


الشرح

([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17142).